فصل: فصل في مسائل من الدور الحكمي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 الباب الحادي عشر في أحكام نكاح الأمة والعبد فيه طرفان

الطرف الأول في نكاح الأمة وفيه مسائل إحداها إذا زوج أمته لم يلزمه تسليمها إلى الزوج ليلا ونهارا لكن يستخدمها نهارا ويسلمها إلى الزوج ليلا ولو أراد السيد أن يسلمها نهارا بدلا عن الليل لم يكن له ولو قال السيد لا أخرجها من داري ولكن أخلي لك بيتا لتدخله وتخلو بها فقولان أظهرما ليس له ذلك فإن الحياء والمروءة تمنعانه دخول دار غيره وعلى هذا فلا نفقة على الزوج كما لو قالت الحرة أدخل بيتي ولا أخرج إلى بيتك والثاني للسيد ذلك لتدوم يده على ملكه مع تمكن الزوج من حقه فعلى هذا يلزمه النفقة فإن قلنا بالأول وكانت محترفة فقال الزوج دعوها تحترف للسيد في يدي وبيتي فليس له ذلك على الأصح‏.‏

المسألة الثانية للسيد أن يسافر بها لأنه مالك رقبتها ولا يمنع الزوج من المسافرة معها ولا يكلف أن يسافر بها وينفق عليها وإذا لم يسافر معها لم يكن عليه نفقتها وأما الهر فإن دخل بها فقد استقر وعليه تسليمه وإلا فلا فإن كان سلمه فله أن يسترده قلت وليس للزوج المسافرة بها منفردا إلا بإذن السيد والله أعلم‏.‏

المسألة الثالثة ولو سامح السيد فسلمها ليلا ونهارا فعلى الزوج تسليم المهر وتمام النفقة وإن لم يسلمها إلا ليلا فهل تجب جميع النفقة أم نصفها أم لا يجب شيء فيه أوجه أصحها عند جمهور العراقيين والبغوي أنه لا يجب شيء ويجري الوجهان الأخيران فيما إذا سلمت الحرة نفسها ليلا واشتغلت عن الزوج نهاراً قلت الصحيح الجزم في الحرة بأنه لا يجب شيء في هذه الحال و الله أعلم‏.‏

وأما المهر فقال الشيخ أبو حامد لا يجب تسليمه كالنفقة وقال القاضي أبو الطيب يجب قال ابن الصباغ لأن التسليم الذي يتمكن معه من الوطء قد حصل وليس كالنفقة فإنها لا تجب بتسليم واحد قلت الأصح الوجوب والله أعلم‏.‏

المسألة الرابعة هلاك المنكوحة بعد الدخول لا يسقط شيئاً من المهر حرة كانت أو أمة سواء هلكت بموت أو قتل فأما إذا هلكت قبل الدخول فإن قتل السيد أمته المزوجة فالنص في وللأصحاب طريقان أحدهما تقرير النصين وأشهرهما طرد قولين فيهما ثم الحرة إذا ماتت أو قتلها الزوج أو أجنبي لم يسقط مهرها قطعاً وكذا لو قتلت نفسها على المذهب وأما الأمة فإن قتلها سيدها أو قتلت نفسها سقط على المذهب وهو نصه وإن ماتت أو قتلها الزوج أو أجنبي لم يسقط على الصحيح قال البغوي إذا قلنا قتل السيد أمته يسقط المهر فلو تزوج رجل أمة أبيه ثم وطئها الأب قبل أن يدخل بها الإبن وجب أن يسقط المهر لأن قطع النكاح حصل من مستحق المهر قبل الدخول‏.‏

المسألة الخامسة لو باع الأمة المزوجة لم ينفسخ النكاح ويكون المهر للبائع إن سمي في العقد مهر صحيح أو فاسد سواء دخل بها قبل البيع أو بعده لأنه وجب بالعقد وكان العقد في ملكه ولو طلقها الزوج بعد البيع قبل الدخول كان نصف المهر للبائع وإن كان زوجها مفوضة ثم جرى فرض أو دخول قبل البيع فالمفروض أو مهر المثل للبائع أيضاً وإن جرى الفرض أو الدخول بعد البيع فهل المفروض أو مهر المثل للبائع أم للمشتري فيه طريقان أصحهما على وجهين بناء على أن الوجوب بالفرض والدخول أم نتبين بهما الوجوب بالعقد وفيه قولان أظهرهما الأول وإن قلنا بالأول فهو للمشتري أو بالثاني فللبائع والطريق الثاني أنه للبائع قطعاً لأن العقد هو السبب وجرى في ملكه ولو مات أحد الزوجين بعد البيع وقبل الفرض والدخول وأوجبنا المهر ففيمن يستحقه هذا الخلاف ولو طلقها بعد البيع وقبل الفرض والدخول فالمتعة للمشتري لأنها تجب بالطلاق وهو في ملكه ولو أعتق أمته المزوجة فالمهر على هذا التفصيل فحيث جعلناه للبائع فهو هنا للمعتق وحيث جعلناه للمشتري فهو للمعتقة وحيث قلنا هو للبائع أو المعتق ولم يجر دخول فليس له حبسها لدفع الصداق لأنها خرجت عن ملكه وتصرفه وليس للمشتري ولا للعتيقة الحبس أيضاً لأنهما لا يملكان المهر وحيث قلنا المهر للمشتري أو المعتقة فلهما الحبس لاستيفائه ولو أعتقها وأوصى لها بصداقها فليس لها حبس نفسها لاستيفائه لأن استحقاقها بالوصية لا بالنكاح ولو تزوج أمة ولده ثم مات وعتقت وصار الصداق للوارث فليس له حبسها إذ لا ملك له فيها‏.‏

فرع هذا الذي ذكرناه كله في النكاح الصحيح أما إذا زوجها تزويجا فاسدا ثم باعها ووطئها الزوج بعد البيع فمهر المثل للمشتري لأنه وجب بالوطء في ملكن وإن وطىء قبل البيع فللبائع السادسة قد سبق أنه يجوز أن يزوج أمته بعبده ولا مهر لأن السيد لا يثبت له دين على عبده ولهذا لو أتلف ماله لم يقتض ضمانا في الحال ولا بعد العتق قال الشيخ أبو علي وهل نقول وجب المهر لحرمة النكاح ثم سقط أم لم يجب أصلا فيه وجهان ولو أعتقها أو أحدهما فلا مهر لا للسيد ولا للمعتقة وإن جرى الدخول بعد العتق وكذا لو باعها ودخل الزوج بها في ملك المشتري فلا مهر لأنه ملك بضعها أولا بلا مهر وفيه احتمال للشيخ أبي علي على قولنا لا يجب بالعقد أصلا قال ولا يجيء الإحتمال على قولنا يجب ثم يسقط لأنه كالمقبوض فصل إذا قال لأمته أعتقتك على أن تنكحيني أو على أن أنكحك لم تعتق إلا بالقبول على الإتصال وسواء قال مع ذلك وعتقك صداقك أو لم يقل ولو قالت ابتداء أعتقني على أن أنكحك فأجابها إليه فكذلك ثم لا يلزمها الوفاء لأن النكاح لا يصح التزامه في الذمة وفي شرح مختصر الجويني وجه عن أبي إسحق أنه يلزمها الوفاء وهو شاذ لا إلتفات إليه والصواب الأول ويلزمها قيمتها للسيد لأنه أعتقها على عوض لم يسلم فصار كإعتاقها على خمر وسواء في لزوم القيمة وفت بالنكاح المشروط أو لم تف ولو رغبت في النكاح فللسيد أن يمتنع ولا تسقط القيمة بذلك ولو تراضيا على النكاح وأصدقها غير القيمة فلها ما أصدقها وله عليها القيمة وقد يقع التقاص وإن أصدقها القيمة فإن علماها عند العقد صح الإصداق وبرئت ذمتها وإن جهلاها جميعاً أو أحدهما فوجهان أصحهما فساد الصداق كسائر المجهولات فعلى هذا لها مهر المثل وعليها القيمة والثاني وبه قال ابن خيران يصح لأن القيمة لم تثبت مقصودة وكما لو أصدقها عبدا جهلا قيمته ولو أتلفت إمرأة على رجل عبدا فتزوجها بقيمته المجهولة فسد الصداق قطعاً ورجعت إلى مهر المثل قال الإمام ولو طرد الوجهان هنا لكان قياسا ولو نكحها المعتق على أن يكون عتقها صداقها فسد الصداق لأن العتق قد تقرر فلا يكون صداقا لنكاح متأخر وفي الرقم للعبادي وجه أنه يصح وكأنه بالشرط جعل رقبتها صداقا والصحيح الأول والمستولدة والمدبرة والمكاتبة والمعتق بعضها حكمهن في الإعتاق على أن ينكحنه حكم القنة وحكى ابن القطان وجها أنه لا قيمة على المستولدة لأنها لا تباع ولو قال لغيره أعتق عبدك عني على أن أنكحك بنتي فأجاب أو قالت إمرأة أعتقه على أن أنكحك ففعل عتق العبد ولم يلزم الوفاء بالنكاح وفي وجوب قيمة العبد وجهان بناء على القولين فيما لو قال أعتق عبدك عنك على ألف علي هل يلزمه الألف أم لا أصحهما عند الشيخ أبي حامد والبغوي وغيرهما أنه لا يلزمه إذ لا يعود إليه نفع بعتقه ولو قال لأمته أعتقتك على أن تنكحي زيدا فقبلت ففي وجوب القيمة وجهان حكاهما الحناطي‏.‏

فرع قالت لعبدها أعتقك على أن تنكحني ففي افتقار عتقه إلى قبوله وجهان أحدهما نعم فإذا قبل عتق ولزمه قيمته ولا يلزمه الوفاء وأصحهما لا بل يعتق بلا قبول ولا شيء عليه‏.‏

فرع إذا لم يأمن السيد وفاءها بالنكاح ولم يرد العتق إن لم فهل لذلك طريق يثق به وجهان أحدهما‏:‏ نعم‏.‏

قال ابن خيران وطريقه أن يقول إن كان في علم الله تعالى أن أنكحك أو تنكحيني بعد عتقك فأنت حرة فإن رغبت وجرى النكاح بينهما عتقت وحصل غرض السيد وإلا استمر الرق ونسب الإمام هذا الوجه إلى صاحب التقريب وعبارته في هذا التعليق إن يسر الله تعالى بيننا نكاحا فأنت حرة قبله بيوم فإذا مضى يوم ونكحته انعقد النكاح وتبين حصول العتق قبله بيوم وذكر اليوم جرى تمثيلا ويكفي أن يقول فأنت حرة قبل والوجه الثاني وبه قال أكثر الأصحاب لا يصح النكاح في هذه الصورة ولا يحصل العتق لأنه حال العتق شاك هل هي حرة أو أمة كما إذا قال لأمته إن دخلت الدار فأنت حرة قبله بشهر وأراد أن ينكحها في الحال لا يصح الطرف الثاني في نكاح العبد وفيه مسائل إحداها المهر والنفقة لازمان في نكاح العبد لزومهما في نكاح الحر وبما يتعلقان نظر هل العبد محجور عليه أم مأذون له في التجارة فهما حالان الأول المحجور عليه فينظر أمكتسب هو أم لا إن كان مكتسبا تعلقا بكسبه ويتعلقان بالكسب العام كالإصطياد والإحتطاب وما يحصله بصنعة وحرفة وبالأكساب النادرة كالحاصلة بالوصية والهبة وفي وجه لا يتعلقان بالنادر والصحيح الأول وإنما يتعلقان بما كسب بعد النكاح‏.‏

فإن كان المهر مؤجلا لم يتعلقا إلا بما كسبه بعد حلول الأجل وهل للعبد أن يؤجر نفسه للمهر والنفقة وجهان بناء على بيع المستأجر إن جوزناه جاز وإلا فلا لئلا يمنع البيع على السيد قال المتولي والوجهان في إجارة العين فأما إذا التزم عملا في الذمة فالمذهب جوازه لأنه دين في ذمته لا يمنع البيع وطريق الصرف إلى المهر والنفقة أن ينظر في الحاصل كل يوم فيؤدي منه النفقة إن وفى بها فإن فضل شيء صرف إلى المهر وهكذا كل يوم حتى يتم المهر فإذا تم صرف الفاضل عن النفقة إلى السيد ولا يدخر للنفقة وإن لم يكن مكتسبا فهو في ذمة العبد أم في رقبته أم على السيد فيه ثلاثة أقوال أظهرها الأول وطرد القاضي أبو حامد القول الثاني في المكتسب الحال الثاني أن يكون مأذونا له في التجارة فالمهر والنفقة يتعلقان بربح ما في يده لأنه كسبه ويتعلقان برأس المال على الأصح وفي الربح الذي يتعلقان به وجهان أحدهما الحاصل بعد النكاح فقط كما في كسب غير المأذون له وأصحهما يتعلق به وبالحاصل قبل النكاح أيضاً هذا كله في المهر الذي تناوله الإذن أما لو قدر السيد مهرا فزاد العبد فالزيادة لا تتعلق إلا بالذمة‏.‏

المسألة الثانية يجب على السيد تخلية العبد بالليل للإستمتاع وله أن يستخدمه نهاراً إذا تكفل بالمهر والنفقة وإلا فعليه أن يخليه ليكتسب فإن استخدمه ولم يلتزم شيئاً لزمه الغرم لما استخدمه وفيما يغرمه وجهان أصحهما أقل الأمرين من أجرة المثل وكمال المهر والنفقة والثاني كمال المهر والنفقة وعلى الوجهين في المراد بالنفقة وجهان الصحيح نفقة مدة الإستخدام والثاني نفقة مدة النكاح ما امتدت لأنه ربما كان يكسب ما يفي بجميع ذلك ولو استخدمه أجنبي لم يلزمه إلا أجرة المثل لأنه لم يوجد منه إلا الإتلاف ولم يسبق منه ما سبق من السيد وهو الإذن المقتضي لإلتزام مؤن النكاح المسألة الثالثة للسيد أن يسافر بالعبد وإن تضمن منعه من الإستمتاع لأنه مالك الرقبة كما يسافر بالأمة المزوجة ثم للعبد أن يسافر بزوجته معه قال البغوي ويكون الكراء في كسبه فإن لم تخرج الزوجة معه أو كانت رقيقة فمنعها سيدها سقطت نفقتها وإن لم يطالبها الزوج بالخروج فالنفقة بحالها والسيد يتكفل بها فإن لم يفعل ففيما يغرمه في مدة السفر الخلاف السابق هذا هو المنقول في الطرق ونص عليه في المختصر ونقل الإمام عن العراقيين أنه ليس للسيد استخدامه ولا أن يسافر به ما بقيت عليه مؤنة من مؤن النكاح وجعل المسألة ذات خلاف للأصحاب ولا يكاد يتحقق فيها خلاف‏.‏

فرع أكثر ما ذكرناه في هذه المسائل متفرع على القول الجديد وهو أنه إذا أجرى النكاح بإذن السيد لا يصير ضامنا بالإذن للمهر والنفقة لأنه لم يلتزمه تصريحا و لا تعريضاً وقال في القديم يصير ضامنا بالإذن ملتزما المهر والنفقة واتفق الأصحاب على أن الجديد هو الأظهر فعلى الجديد لو أذن بشرط الضمان لم يصر ضامنا أيضاً لأنه لا وجوب عند الإذن وإذا قلنا بالقديم فهل يجب على السيد ابتداء أم يلاقي العبد ثم يحمل عنه السيد وجهان حكاهما أبو الفرج الزاز فعلى الأول لا تتوجه المطالبة إلا على السيد ولو أبرأت العبد فهو لغو وعلى الثاني تتوجه المطالبة عليهما ويصح إبراء العبد ويبرأ به السيد وصحح أبو الفرج الوجه الثاني وقطع البغوي بالأول وكلام الإمام يقرب منه‏.‏

فرع في فتاوى القاضي حسين أنه لو زوج أمته عبده فنفقة الأمة السيد كنفقة العبد فلو أعتقها السيد وأولادها سقطت نفقتهم عنه وتعلقت نفقتها بكسب العبد وعليها نفقة الأولاد إن كانت موسرة وإلا ففي بيت المال ولو أعتق العبد دونها سقطت نفقتهما عنه وكانت نفقة الأمة على العتيق كحر تزوج أمة غيره‏.‏

المسألة الرابعة هذا الذي سبق حكم المهر في النكاح الصحيح وأما المهر في النكاح الفاسد فله صورتان إحداهما إذا فسد نكاح العبد لجريانه بغير إذن سيده فرق بينه وبين المرأة فإن دخل بها قبل التفريق فلا حد للشبهة ويجب مهر المثل وهل يتعلق بذمته لكونه وجب برضى مستحقه أم برقبته لأنه إتلاف فيه قولان أظهرهما الأول ومنهم من قطع به وإن جرى النكاح بغير إذن مستحق المهر بأن نكح أمة بغير إذن سيدها ووطئها فطريقان أحدهما القطع بتعلقه بالرقبة وبه قال ابن الحداد كما لو أكره أمة أو حرة على الزنا والثاني طرد القولين لأن المهر وإن كان لغيرها فيمكنها إسقاطه في الجملة بإرضاع أو ردة الثانية أذن سيده في النكاح فنكح نكاحا فاسدا ودخل بها قبل التفريق فهل يتعلق المهر بذمته أم برقبته أم بكسبه أقوال أظهرها الأول‏.‏

ولو نكح بالإذن صحيحا لكن فسد المهر قال الصيدلاني تعلق مهر المثل بالكسب قطعاً ولو صرح بالإذن في نكاح فاسد ووجب مهر المثل فقياس هذه الصور تعلقه بالكسب‏.‏

في فتاوى القاضي حسين أنه لو اختلف السيد والعبد في الإذن النكاح فقال السيد ما أذنت فالوجه أن تدعي المرأة على السيد أن كسب هذا العبد مستحق لي لمهري ونفقتي ليسمع القاضي البينة

 فصل لو كان لرجل عبد في نكاحه أمة فأعطاه مالا

سبق في باب موانع النكاح أنه متى ملك أحد الزوجين جزءاً انفسخ النكاح فلو كان لرجل عبد في نكاحه أمة فأعطاه مالا وقال اشترها لي ففعل صح واستمر النكاح كما يجوز أن يزوج عبده بأمته ولو ملكه المال فقال اشترها لنفسك ففعل فإن قلنا يملك العبد بتمليك السيد انفسخ النكاح وإلا فالملك للسيد والنكاح مستمر ولو اشترى من بعضه حر زوجته نظر إن اشتراها بالكسب المشترك بينهما وبإذن سيده ملك جزءاً منها وانفسخ النكاح وإن لم يأذن السيد لم يصح في نصيبه وفي نصيب العبد قولا تفريق الصفقة إن صح فيه انفسخ النكاح وإن اشتراها بخالص ماله انفسخ النكاح وإن اشتراها بخالص مال سيده من كسبه بإذنه لم ينفسخ وهكذا الحكم لو اشترت من بعضها حر زوجها‏.‏

فرع متى ملكت زوجها بشراء أو هبة وغيرهما نظر إن كدن قبل فهل يسقط كل المهر أم نصفه وجهان وقيل قولان أصحهما كله ومنهم من قطع به وإن كان بعد الدخول لم يسقط شيء من المهر بالإنفساخ فإن كانت قبضته لم ترد شيئاً منه وإلا فقد ملكت عبدا لها في ذمته دين وفيه وجهان سبقا في كتاب الرهن وغيره أحدهما يسقط كما لا يثبت له على عبده دين ابتداء وأصحهما يبقى لأن الدوام أقوى من الإبتداء فإن قلنا يسقط برئت ذمة العبد من المهر وللبائع الثمن عليها وإن قلنا يبقى فلها مطالبة العبد إذا عتق وللبائع الثمن عليها في الحال فإن كان السيد البائع وضمن المهر فلها عليه المهر بالضمان وله عليها الثمن وقد يقع التقاص أما إذا ملك زوجته بالشراء فينظر إن ملكها بعد المسيس فعليه المهر للبائع مع الثمن وإن ملكها قبله فالمذهب وهو نصه أنه يجب نصف المهر وقيل لا يجب شيء ولو نكح جارية مورثه كأبيه ثم ملك بالإرث كلها أو بعضها فإن كان بعد الدخول لم يسقط المهر بالإنفساخ لإستراره وهو تركه للميت فإن احتيج إليه لقضاء دين وتنفيذ وصية فعل وإلا سقط إن كان الناكح حائزاً وإلا فلغيره من الورثة استيفاء نصيبه وإن كان قبل الدخول فوجهان أحدهما قاله ابن الحداد يسقط جميع المهر فيسترده من التركة إن كان قبض وأصحهما لا يسقط إلا النصف فعلى هذا إن كان حائزا سقط النصف الآخر لأنه مستحقه وإلا سقط نصيبه وللآخر نصيبه ولو زوج رجل بنته بعبد بإذنها ثم مات فورثت بعض زوجها فإن كان بعد الدخول فقسط ما ورثته من المهر دين لها على مملوكها ولها المطالبة بالباقي من كسب ما ترث منه وإن كان قبل الدخول فعلى قول ابن الحداد يسقط جميع المهر وعلى الأصح لا يسقط إلا النصف وحكم النصف الباقي حكم الجميع بعد الدخول وجميع ما ذكرناه إذا اشترت زوجها بغير الصداق فلو اشترته بعين الصداق فيقدم عليه مقدمتين إحداهما إذا نكح العبد نكاحا صحيحاً وقلنا لا يصير السيد ضامنا للمهر بالعقد‏.‏

فلو ضمن عنه جاز لأنه ضمان دين لازم ثم إن كان العبد كسوبا فللزوجة مطالبة العبد والسيد جميعاً وإلا فلا يطالب السيد وكذا الحكم لو طلقها بعد الدخول والمهر غير مقبوض وإن طلقها قبل الدخول سقط نصف المهر عنها ومطالبتها بالنصف الآخر على التفصيل المذكور فإن كانت قبضت المهر ردت نصفه على السيد إن بقي الزوج على الرق عند الطلاق فإن كان أعتقه فعلى الزوج‏.‏

الثانية صورة البيع بعين الصداق أن يلتزم السيد الصداق إما بأصل العقد على القديم وإما بالضمان اللاحق على الجديد ويصرح المتبايعان بالإضافة إليه بأن يقول سيد العبد لزوجته الحرة بعتك زوجك بصداقك الذي يلزمني وهو كذا فتشتري أما إذا صرحا بالمغايرة أو طلقا فهو بيع بغير الصداق مثاله كان الصداق ألفا فقال بعتك بألف غير الصداق أو بألفين أو أطلق فقال بعتك بألف ولو اختلف جنس الصداق فلا شك في المغايرة ولو دفع عينا إلى عبده ليجعلها صداق من ينكحها ففعل ثم باعها العبد بتلك العين فهو بيع بالعين إذا عرفت المقدمتين فالبيع بعين الصداق إما أن يجري قبل الدخول وإما بعده الحالة الأولى أن يجري قبله فإن قلنا بالأصح إنه يسقط كل المهر لم يصح البيع بل يستمر النكاح لأنه لو صح البيع لملكت زوجها وانفسخ النكاح وسقط المهر وعري البيع عن العوض وبطل فتصحيحه يؤدي إلى بطلانه هذا ما نص عليه الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى‏.‏

وقال الشيخ أبو علي يجب عندي أن يصح البيع ويبطل النكاح لأن البيع وارتفاع النكاح لا يقعان معا بل يكون الفسخ بعد البيع وحصول الملك حتى لا يحكم بانفساخ النكاح ما داما في المجلس إن قلنا إن الخيار يمنع حصول الملك للمشتري وإذا كان الإنفساخ عقيب البيع والملك كان في زوال ملكها عن الصداق مع حصول ملكها في الرقبة فلا يبطل الثمن بالإنفساخ بل أثر الإنفساخ الرجوع إلى بدل الصداق وهذا الذي قاله أبو علي نقله المتولي وجهاً وإن قلنا إن تملكها الزوج قبل الدخول يقتضي تنصيف المهر بني على خلاف سنذكره في الحالة الثانية إن شاء الله تعالى وهي إذا جرى بعد الدخول فإن لم نصحح البيع هناك فكذا هنا وإلا بطل البيع هنا في نصف العبد ويخرج في الباقي على تفريق الصفقة فإن فرقنا انفسخ النكاح هذا قول الجمهور وعلى قول الشيخ أبي علي يصح البيع في جميعه لا محالة الحالة الثانية أن يجري البيع بعين الصداق بعد الدخول فيبنى على الخلاف في أن من ملك عبدا له عليه دين هل يسقط ذلك الدين إن قلنا بالأصح إنه لا يسقط صح البيع وتصير مستوفية للمهر المستقر بالدخول ولا شيء لواحد من المتبايعين على الآخر وإن قلنا يسقط وتبرأ ذمة العبد فهل يصح البيع أم لا وجهان أصحهما الصحة وبه قطع الشيخ أبو حامد ونقله القفال عن شيوخ الأصحاب إذ ليس هو كما قبل الدخول فإن سقوط المهر هناك بانفساخ النكاح بدليل أنه لو كان مقبوضا وجب رده فلا يمكن جعله ثمنا وهنا السقوط بحدوث الملك وإذا جعل ثمنا فكأنها استوفت الصداق قبل لزوم البيع فليس لها بعدما ملكت الزوج صداق في رقبته حتى يسقط وجميع ما ذكرناه فيما إذا اشترت زوجها وهي حرة فأما إذا كانت أمة فاشترته بإذن سيدها أو كانت مأذونا لها في التجارة فاشترته للتجارة فيصح البيع ويستمر النكاح سواء كان قبل الدخول أو بعدل وسواء اشترت بعين الصداق أم بغيره لأن الملك للسيد لكن إذا اشترته بعين الصداق برىء السيد والعبد لأن الكفيل إذا أدى برىء الأصيل ولا رجوع للسيد على العبد كما لو ضمن عنه دينا آخر أداه في رقه وإن اشترته بغير الصداق ففي سقوط الصداق على العبد لكون سيدها ملكه وله عليه دين الوجهان المتكرران فإن سقط برىء سيده البائع عن الضمان لبراءة الأصيل ويبقى الثمن بحكم الشراء وإلا فلسيد الأمة على بائع العبد الصداق وللبائع عليه الثمن وقد يقع التقاص فإذا تقاصا برئت ذمة العبد عن حق المشتري لأنه بالتقاص استوفى حقه من البائع‏.‏

 فصل في مسائل من الدور الحكمي

عادة الأصحاب ذكر هذه المسائل هنا والمسائل التي يقع فيها الدور نوعان‏:‏ أحدهما ينشأ الدور فيه من محض حكم الشرع كما ذكرنا فيما إذا اشترت زوجها قبل الدخول بالصداق الذي ضمنه السيد فإنه لو صح البيع ثبت الملك وإذا ثبت الملك انفسخ النكاح وإذا انفسخ سقط المهر المجعول ثمنا وإذا سقط فسد البيع فهذه الأحكام المرتبة ولدت الدور والثاني ينشأ الدور فيه من لفظة يذكرها الشخص كما في مسألة دور الطلاق وعندها نذكر إن شاء الله تعالى أكثر مسائل الدور اللفظي والذي نذكره هنا خمس مسائل من الدور الحكمي إحداها أعتق أمته في مرض موته ونكحها على مهر سماه نظر إن لم يخرج من الثلث فحكمه ما ذكرناه في المسائل الدورية في كتاب الوصايا وإن خرجت نظر إن كانت قدر الثلث بلا مزيد بأن كانت قيمتها مائة و له مائتان سواها فالنكاح صحيح ثم إن لم يجر دخول فلا مهر لها لأنه لو ثبت المهر لكان دينا على الميت وحينئذ لا تخرج من الثلث ويرقه بعضها وحينئذ يبطل النكاح والمهر فإثباته يؤدي إلى إسقاط فيسقط وإن جرى دخول فقد ذكرنا حكمه في كتاب الوصايا وسواء دخل أم لا فلا ترث بالزوجية لأن عتقها وصية والوصية والإرث لا يجتمعان وإن كانت الأمة دون الثلث فقد تمكنها المطالبة بالمهر لخروجها من الثلث بعد الدين وهذا كله تفريع على أنه يجوز للمعتق في مرض الموت نكاحها وهو الصحيح وحكى الحناطي والشيخ أبو علي وجها أنه لا يجوز وهو كما حكيناه من قبل عن ابن الحداد أن المعتقة في مرض الموت نكاحها لا يجوز لقرينها لاحتمال أن لا يخرج من الثلث عند الموت‏.‏

المسألة الثانية زوج أمته عبد غيره وقبض الصداق وأتلفه بإنفاق وغيره ثم أعتقها في مرض موته أو أوصى بعتقها فأعتقت وهي ثلث ماله وكان ذلك قبل الدخول فليس لها خيار العتق لأنها لو فسخت النكاح لوجب رد المهر من تركة السيد وحينئذ لا يخرج كلها من الثلث وإذا بقي الرق في البعض لم يثبت الخيار فإثبات الخيار يؤدي إلى إسقاطه وكذا الحكم لو لم يتلف الصداق وكانت الأمة ثلث ماله مع الصداق ولو خرجت من الثلث دون الصداق أو اتفق ذلك بعد الدخول فلها الخيار ولو كانت المسألة بحالها إلا أن الإعتاق وجد من وارثه بعد موت السيد نظر إن كان الوارث معسرا فلا خيار لها لأنها لو فسخت لزم رد المهر من تركة الميت وإذا كان على الميت دين لم ننفذ إعتاق الوارث المعسر على الصحيح وإذا لم ينفذ الإعتاق لم يثبت الخيار وإن كان الوارث موسرا فقد ذكرنا في كتاب الرهن خلافا في أن الوارث الموسر إذا أعتق عبد التركة وعلى الميت دين هل ينفذ العتق في الحال أم يتوقف نفوذه على وصول دين الغرماء فإن قلنا ينفذ في الحال وهو الأصح عتقت ولها الخيار فإن فسخت غرم الوارث لسيد العبد أقل الأمرين من الصداق وقيمة الأمة كما لو مات وعليه دين وله عبد فأعتقه وارثه الموسر يلزمه أقل الأمرين من الدين وقيمة العبد ولو كان على الميت دين فالقيمة التي يغرمها الوارث يتضارب فيها سيد العبد والغرماء‏.‏

المسألة الثالثة مات عن أخ وعبدين والأخ هو الوارث في الظاهر فأعتق الأخ العبدين ثم ادعت إمرأة أنها زوجة الميت وادعى ابنها أنه ابن الميت فشهد المعتقان لهما ثبتت الزوجية والنسب ولا يرث الإبن إذ لو ورث لحجب الأخ وبطل إعتاقه وبطلت شهادتهما وحينئذ تبطل الزوجية والنسب وفيه وجه أنه لا يثبت أيضاً والصحيح الأول ولو شهدا بنسب بنت نظر إن كان الأخ معسرا يوم الإعتاق لم ترث البنت إذ لو ورثت لرق نصيبها وبطلت الشهادة وإن كان موسرا فإن عجلنا السراية بنفس الإعتاق ورثت لكمال العتق يوم الشهادة وإن قلنا لا تحصل السراية إلا بأداء القيمة لم ترث لأن توريثها يمنع كمال العتق يوم الشهادة وحكم الزوجة في الإرث حكم البنت فينظر إلى إعسار الأخ ويساره كما ذكرنا‏.‏

المسألة الرابعة أوصى لرجل بابنه ومات الموصى له بعد موت الموصي وقبل القبول ووارثه أخوه وقبل الوصية وقد سبق بيان هذه المسألة في آخر الباب الأول من كتاب الوصايا المسألة الخامسة اشترى في مرض الموت من يعتق عليه كابنه عتق من الثلث ولا يرث إذ لو ورث لكان العتق أو النسب إليه بالشراء وصية للوارث فيبطل وإذا امتنع العتق امتنع الإرث وحكى الأستاذ أبو منصور وجها أنه يرث ووجها أنه لا يصح الشراء والصحيح الأول ولو ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض كهبة وارث فهل يرث وجهان بناء على أنه يعتق من الثلث أو من رأس المال وقد ذكرنا ذلك في كتاب الوصايا وبالتوريث قال ابن سريج واختاره الشيخ أبو حامد‏.‏

فرع ذكر الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني رحمه الله في مختصر جمعه في ثم جاء العبد مع آخر فشهدا بجرح الشاهدين لم يقبل وأنه لو أعتق عبدين في مرض موته هما ثلث ماله فشهدا على الميت بوصية أو بإعتاق وعليه دين أو زكاة لم يقبل ولو شهدا أنه نكح إمرأة على مهر كذا حكى عن بعض الأصحاب أنه لا تقبل شهادتهما قال ويحتمل أن يقبل في النكاح ولا مهر وأنه لو أعتق عبدين له فشهدا أنه كان محجورا عليه لسفه لم تقبل شهادتهما وأنه لو ادعى أنه ابن فلان وقد مات ووارثه في الظاهر أخوه فأنكر ونكل فحلف المدعي ثبت النسب ولا يرث وهذا تفريع على أن اليمين المردودة مع النكول كالإقرار أما إذا قلنا إنها كالبينة فيرث وإنه لو ورث عبدين يعتقان عليه ثم مات وورثاه أقر بدين على الميت الأول يستغرق تركته لم يثبت الدين بإقرارهما وأنه لو أعتق أمة في مرض موته وهي ثلث ماله فادعت أنه وطئها بشبهة أو أنه استأجرها وعليه أجرتها لم تسمع دعواها وأنه لو ورث من زوجته عبدين وأعتقهما ثم شهدا بالفرقة قبل الموت بردة أو طلاق لم تقبل شهادتهما وأنه لو كان في يد عبده مال فأخذه واشترى به عبدين وأعتقهما فشهدا عليه بأنه أعتقه قبل ذلك لم يقبل وأنه لو مات ووارثه في الظاهر أخوه فأعتق عبدا من التركة وولي العتيق القضاء فجاء مجهول وادعى أنه ابن الميت وأقام شاهدين لم يقبل هذا الحاكم شهادتهما ولم يحكم بقولهما هكذا ذكروه وكان يجوز أن يقال يحكم بشهادتهما ويثبت النسب دون الإرث كما لو أعتق الأخ في هذه الصورة عبدين وشهدا ببنوة المدعي وحينئذ فلا يؤثر نسبه في العتق والقضاء وأنه لو ورث عبدا من مورثه المقتول وأعتقه وولي العتيق القضاء فجاء إليه الوارث وادعى على قاتله القصاص فقال قتلته وهو مرتد وأقام عليه شاهدين لم يحكم هذا الحاكم بشهادتهما ومن هذا القبيل لو أعتق عبدين فجاء رجل وادعى أنه كان غصب العبدين وشهدا له لم تقبل شهادتهما وفي التهذيب أنه لو ملك رجل أخاه ثم أقر في مرض موته أنه أعتقه في صحته كان العتق نافذا وهل يرثه إن صححنا الإقرار للوارث ورث وإلا فلا‏.‏

قال الغزالي في مجموعه غاية الغور في دراية الدور المسائل الدائرة لا بد فيها من قطع الدور وفي قطعه ثلاثة مسالك تارة يقطع من أوله وتارة من وسطه وتارة من آخره وذلك بحسب قوة بعض الأحكام وبعده عن الدفع وضعف بعضها وقربه للدفع مثال القطع من أوله بيع العبد لزوجته الحرة قبل الدخول بصداقها الثابت في ذمة السيد فإنا حكمنا بفساد البيع وقطعنا الدور من أصله لم نقل يصح البيع ولا ينفسخ النكاح أو ينفسخ ولا يسقط الصداق وسببه أن البيع اختياري وحصول الإنفساخ بالملك قهري وكذا سقوط الصداق بالإنفساخ وما يختاره الإنسان من التصرفات يصح تارة ويفسد أخرى وما يثبت قهرا يبعد دفعه بعد حصول سببه فكان البيع أولى بالدفع من غيره ومثال القطع من الوسط‏.‏

المسألة الثانية من المسائل السابقة فإنا لم نقطع الدور من أوله بأن نقول لا يحصل العتق ولا من آخره بأن نقول لا يزيد المهر حتى لا تضيق التركة ولكن قطعناه من وسطه فقلنا لا يثبت الخيار وسببه أن سقوط المهر عند الفسخ قهري يبعد دفعه والخيار أولى بالدفع من العتق لأن العتق أقوى ألا ترى أنه لا يسقط بعد ثبوته والخيار يسقط بعد ثبوته بالإسقاط وبالتقصير ومثال القطع من الآخر المسألة الأولى من الخمس فإنا لم نقطع الدور من الأول بأن نقول لا يحصل العتق ولا من الوسط بأن نقول لا يصح النكاح لكن قطعناه من الآخر فقلنا ليس لها المهر ويمكن أن يقال سببه أن العتق له قوة السرعة والسراية فلا يدفع والنكاح أقوى من المهر المسمى فيه فإن ثبوت النكاح يستغني عن المهر بدليل المفوضة والمسمى مهرا لا يثبت من غير ثبوت النكاح وعد من هذا القسم الثالث أما إذا قال لزوجته إن انفسخ النكاح بيني وبينك فأنت طالق قبله ثلاثا ثم اشتراها أو جرى رضاع أو ردة فلا يقطع الدور من أوله بأن نقول لا ينفسخ النكاح لكن يقطع من آخره بأن نقول ينفسخ ولا يقع الطلاق وربما نعود إلى هذه المسألة في مسائل الطلاق والدور فيها لفظي‏.‏

 فصل لا يجوز للعبد التسري

لأنه لا يملك فإن ملكه سيده جارية بالجديد إنه لا يملك لم يحل له وطؤها ولو أذن السيد فلو استولدها كان الولد ملكا للسيد وإن قلنا بالقديم إنه يملك فقد ذكرنا في كتاب البيع أن المذهب أنه يتسرى بإذن السيد ولا يتسرى بغير إذنه لكن لو وطىء لم يحد لشبهة الملك ولو استولدها فالولد ملك له لكن لا يعتق عليه لضعف ملكه وتعلق حق السيد به فإن عتق عتق الولد أيضاً وحكم المدبر والمعلق عتقه بصفة حكم القن في هذا ومن بعضه حر إذا اشترى جارية بما كسبه بحريته ملكها لكن لا يطؤها بغير إذن السيد لأن بعضه مملوك والوطء يقع بجميع بدنه ولا يختص بالبعض الحر ومال ابن الصباغ إلى أنه لا حاجة إلى إذن السيد كما أنه يأكل كسبه ويتصرف فيه فإن أذن السيد وقلنا لا بد من إذنه فعلى القديم يجوز وعلى الجديد لا يجوز لأن ما فيه من الملك يمنع التسري والمكاتب لا يتسرى بغير إذن السيد وبإذنه قولان كتبرعاته‏.‏

 الباب الثاني عشر في اختلاف الزوجين في النكاح

وفيه مسائل‏:‏ المسألة الأولى‏:‏ إذا ادعى زوجية إمرأة سمعت دعواه عليها وإن كان العاقد هو الولي لأن إقرارها مقبول وفيه خلاف سبق في باب أحكام الأولياء وأما المرأة فإن ادعت المهر في النكاح أو ادعت النكاح وطلبت حقا من حقوقه سمعت دعواها وإن ادعت مجرد الزوجية فوجهان إن سمعت أقامت البينة فإن أنكر فهل إنكاره طلاق فيه وجهان إن قلنا طلاق اندفع ما يدعيه ولا معنى لإقامة البينة وستأتي هذه المسألة مبسوطة في كتاب الدعاوى إن شاء الله تعالى‏.‏

المسألة الثانية زوج إحدى بنتيه بعينها ثم تنازعا فلتنازعهما حالان أحدهما تقول كل واحدة أنا المزوجة فمن صدقها الزوج ثبت نكاحها والأخرى تدعي أنها زوجته وهو منكر فالمذهب أنه يحلف لها وقيل في تحليفه قولان وينبغي أن يفصلفإن ادعت زوجته وطلبت المهر فالوجه التحليف وإن ادعت مجرد الزوجية ففيه الخلاف في المسألة الأولى فإن قلنا يحلف فحلف سقطت دعواها وإن نكل فحلفت فهل اليمين المردودة مع النكول كالبينة أم كالإقرار قولان مشهوران إن قلنا كالخينة فوجهان أحدهما يثبت نكاح الثانية دون الأولى كما لو أقامت بينة قال الإمام وهذا القائل يقول ينتفي نكاح الأولى ويخكم بانقطاع نكاح الثانية لإنكار الزوج وأصحهما استمرار نكاح الأولى لأن اليمين المردودة إنما تجعل كالبينة في حق المدعي والمدعى عليه لا في حق غيرهما وقد ثبت نكاح الأولى بتقارهما وإن قلنا كالإقرار فوجهان أحدهما يبطل النكاحان والصحيح استمرار نكاح الأولى كما لو أقر للأولى ثم أقر للثانية وعلى هذا فهل تستحق الثانية نصف المهر أم لا تستحق شيئاً قولان أظهرهما الأول‏:‏ الحال الثاني تقول كل واحدة لست بالمزوجة بل صاحبتي فيقال للزوج عين فإذا عين فقد أقر بأن الأخرى ليست زوجة له فلا خصومة له معها والقول قول الأخرى مع يمينها فإن لم تحلف حلف الزوج وثبت النكاح وقيل القول قول الزوج بيمينه لأن إحداهما زوجة وهو أعلم بمحل حقه والصحيح الأول واعلم أن المسألة من فروع ابن الحداد وأنه قيدها فقال إذا مات الأب وكذا قيدها الغزالي قال الشيخ أبو علي هذا القيد لا فائدة فيه في الحالة الأولى لأنه لو كان حيا وعين إحداهما لم يقبل قوله على الزوج لكنه مفيد في الحالة الثانية لأنه إذا كان الأب حيا وهي مجبرة راجعناه فإن أقر بالنكاح على إحداهما قبل قوله ولا يضر الزوج إنكارها قال الإمام ويظهر في القياس أن لا يقبل إقرارها ومعها مجبر حذرا من اختلاف الإقرارين وإذا قبلنا إقرارها فاختلف إقرارها وإقرار الولي فيجوز أن يقال الحكم للسابق ويجوز أن يقال يبطلان جميعاً وقد ذكرنا وجهين في هذه المسألة في آخر الباب الثالث عن القفال الشاشي والأودني أن المقبول إقراره أم إقرارها فحصل أربعة احتمالات‏:‏ ولو زوج بنته من أحد ابني رجل وادعت هي على أحدهما أنه الزوج فإن جردت دعوى النكاح فعلى ما سبق وإن ادعت المهر حلفته‏.‏

فإن نكل حلفت وأخذت نصف المهر وإن ادعى كل واحد مهما أنها إمرأته فأقرت لأحدهما ثبت نكاحه وهل للآخر تحليفها قولان على ما ذكرنا فيمن زوجها وليان بشخصين المسألة الثالثة شهدوا على رجل بنكاح إمرأة بمهر معلوم وهو منكر فحكم بشهادتهم ثم رجعوا هل يغرمون له وجهان أصحهما نعم وإنما يغرمون ما فوتوا على الزوج وهو نصف المسمى وإن قلنا لا يغرمون فذلك في قدر مهر المثل فإن زاد المسمى على مهر المثل فحكم الزيادة في الرجوع حكم شهود المال إذا رجعوا ولو شهدوا على رجل بطلاق ثم رجعوا فهل يغرمون مهر المثل أم نصفه أم غير ذلك فيه خلاف موضعه باب الرجوع عن الشهادة وإذا ادعت أنها في نكاح رجل بمهر معلوم وشهد له شاهدان ثم ادعت الإصابة واستقرار المهر فشهد على الإصابة أو على إقرار الزوج بها آخران ثم ادعت أنه طلقها وشهد بذلك آخران وحكم بمقتضى الشهادات وأخذ منه المهر ثم رجع الشهود جميعاً فثلاثة أوجه‏:‏ أحدها لا غرم على أحد منهم لأن شهود النكاح والإصابة لم يوجد منهم إلا إثبات ملك واستمتاع بملك وشهود الطلاق لم يفوتوا عليه شيئاً في زعمه فإنه ينكر النكاح ولأنه إن كان نكاح فقد فوته بزعمه بإنكاره قبل شهادتهم‏.‏

والثاني لا غرم على شهود النكاح والإصابة ويغرم شهود الطلاق لأنهم فوتوا ما ثبت بالأولين فعلى هذا في قدر غرمهم الخلاف الذي أحلناه على باب الرجوع عن الشهادة وبهذا الوجه قال ابن الحداد ووافقه طائفة والثالث وهو أصحها لا شيء على شهود الطلاق لأنه ينكر أصل النكاح فكيف يطالبهم بضمان تفويته بل النكاح لا يثبت مع إنكاره فلا ينبغي أن تسمع بينة الطلاق وأما شهود النكاح والإصابة فإن أرخوا شهادتهم فشهد هؤلاء أنه نكحها في المحرم وأولئك أنه أصابها في صفر غرم الصنفان ما غرم الزوج بالسوية وإن أطلق شهود الإصابة شهادتهم فنصف الغرم على شهود النكاح ولا شيء على شهود الإصابة لجواز وقوعها في غير وفي النهاية أنهم لو شهدوا بالنكاح ثم على الإصابة بعده اشترك الصنفان في غرم نصف المهر والنصف الآخر مختص بغرم شهود الإصابة والصورتان متقاربتان ولا يبعد التسوية بينهما في الحكم ولم يقل أحد بتخصيص الغرم بشهود الإصابة المسألة الرابعة إذا زوجت برجل ثم ادعت أن بينها وبينه محرمية بأن قالت هو أخي من الرضاع أو كنت زوجة أبيه أو ابنه أو وطئني أحدهما بشبهة نظر أوقع التزويج برضاها أم لا الحالة الأولى زوجت برضاها به بأن كانت ثيبا أو زوجها أخ أو عم أو زوجها المجبر برضاها فلا يقبل دعواها والنكاح ماض على الصحة لأن إذنها فيه يتضمن حلها له فلا يقبل نقيضه لكن إن ذكرت عذرا كغلط أو نسيان سمعت دعواها على المذهب فتحلفه الحالة الثانية زوجت بغير رضاها لكونها مجبرة فوجهان أصحهما وبه قال ابن الحداد ونقله الإمام عن معظم الأصحاب أنه يقبل قولها بيمينها ويحكم باندفاع النكاح من أصله لأن قولها محتمل ولم تعترف بنقيضه فصار كقولها في الإبتداء هو أخي لا يجوز تزويجها به‏.‏

والثاني قاله الشيخ أبو زيد واختاره الغزالي وحكي عن اختيار ابن سريج لا يقبل قولها استدامة للنكاح الجاري على الصحة ظاهرا ولئلا تتخذه الفاسقات ذريعة إلى الفراق واحتج الشيخ أبو علي للأول وهو الأصح عنده أيضاً فإن الشافعي رحمه الله نص على أنه لو باع الحاكم عبدا أو عقارا على مالكه الغائب بسبب اقتضاه ثم جاء المالك وقال كنت أعتقت العبد أو وقفت العقار أو بعته صدق بيمينه ونقض بيع القاضي ورد اليمين على المشتري بخلاف ما لو باعه بنفسه أو توكيله ثم ادعى ذلك فإنه لا يقبل لأنه سبق منه نقيضه ومقتضى حكايته أنه لا خلاف في صورة بيع الحاكم لكن الإمام حكى فيها قولين ولو زوج بنته أو أمته ثم ادعى الأب أو السيد محرمية بينها وبين الزوج لم يلتفت إلى قوله لأن النكاح حق الزوجين قال الشيخ أبو علي ولو قال بعد تزويجه أمته كنت أعتقتها حكم بعتقها ولا يقبل قوله في النكاح وكذا لو أجر العبد ثم قال كنت أعتقته ويغرم للعبد أجرة مثله لأنه أقر بإتلاف منافعه ظلما كمن باع عبدا ثم قال كنت غصبته لا يقبل قوله في البيع ويغرم قيمته للمقر له والخلاف في الحالة الثانية في أنها هل تصدق بيمينها وأما دعواها فتسمع بلا خلاف ولو قامت بينة حكم بها بلا خلاف والكلام في الحالة الأولى في رد الدعوى من أصلها وأن الإذن والرضى بالتزويج إنما يؤثر إذا أذنت في تزويجها بشخص معين أما إذا أذنت في النكاح مطلقا وقلنا لا حاجة إلى تعيين الزوج فزوجها الولي برجل ثم ادعت محرمية فالحكم كما إذا زوجت مجبرة لأنه ليس فيه اعتراف بجهالة ولو زوج الأخ البكر وهي ساكتة اكتفي بصماتها على الأصح ثم ادعت محرمية قال الإمام الذي ارتضاه العراقيون أن دعواها مسموعة قال لكن لا تصدق بيمينها‏.‏

المسألة الخامسة إذا زوج أمته ثم قال كنت مجنونا أو محجورا علي وقت تزويجها وأنك الزوج وقال تزوجتها تزوجا صحيحا فإن لم يعهد السيد ما ادعاه ولا بينة فالقول قول الزوج بيمينه لأن الظاهر صحة النكاح وكذا لو قال زوجتها وأنا محرم أو قال لم تكن ملكي يومئذ ثم ملكتها وكذا الحكم لو باع عبدا ثم قال بعد البيع بعته وأنا محجور علي أو لم يكن ملكي ثم ملكته وعن نصه في الإملاء أنه لو زوج أخته ومات الزوج فادعى ورثته أن أخاها زوجها بغير إذنها وقالت بل زوجني بإذني فالقول قولها ولك أن تقول قد سبق ذكر وجهين فيما لو ادعى أحد المتعاقدين صحة البيع والآخر فساده فليجىء ذلك الخلاف في هذه الصورة قلت لم يذكره الأصحاب في هذه الصورة ولا يصح مجيئه لأن الظاهر الغالب في الأنكحة الإحتياط لها وعقدها بشروطها وبحضرة الشهود وغيرهم بخلاف البيع فإن وقوعه فاسد كثير و الله أعلم‏.‏

ولو ادعت المنكوحة أنها زوجت بغير إذنها وهي معتبرة الإذن ففي فتاوى البغوي أنه لا يقبل قولها بعدما دخلت عليه وأقامت معه كأنه جعل الدخول بمنزلة الرضى أما إذا عهد للسيد المزوج جنون أو حجر أو قال زوجتها وأنا صبي فأيهما يصدق بيمينه قولان خرجهما الشيخ أبو زيد أظهرهما عند الشيخ أبي علي وغيره أن المصدق الزوج لأن الغالب جريان العقد صحيحاً ولأنه صح ظاهراً والأصل دوامه ولو زوج أخته برضاها ثم ادعت أنها كانت صغيرة يومئذ ففي فتاوى القفال والقاضي حسين والبغوي أن القول قولها بيمينها وإن أقرت يومئذ ببلوغها كما لو أقر بمال ثم قال كنت صغيرا يوم الإقرار وهذا يمكن أن يكون تفريعا على أحد القولين ويمكن أن يفرق بأن الغالب من العقد الجاري بين مسلمين صحته وهذه لم تعقد‏.‏

ولو وكل الولي بتزويجها ثم أحرم وجرى العقد فادعى الولي جريانه في الإحرام وأنكر الزوج فنص الشافعي رحمه الله أن القول قول الزوج عملا بظاهر الصحة ولم يحك الشيخ أبو علي خلافا في هذه الصورة قال الإمام وسببه أن الإحرام طرأ والأصل استناد العقد إلى الحل لكن الشيخ ألحق بمسألة الإحرام المنقولة عن النص ما إذا وكل بقبول نكاح ثم أحرم الموكل وقبل الوكيل ثم اختلف الزوجان فقال الزوج عقد قبل إحرامي أو بعده أو بعد تحللي وقالت بل في حال إحرامك فالقول قول الزوج فلم يفرق بين أن يدعي سبق الإحرام النكاح وعكسه ومقتضى ما سبق في المسألة الرابعة أن الولي إذا زوج ثم ادعى المحرمية بين الزوجين لا يلتفت إلى دعواه أن لا يفرض النزاع في مسألة النص بين الولي والزوج بل يفرض بين الزوجين ولو زوج أمته ثم ادعى أن الزوج كان واجدا للطول وأنكر الزوج صدق الزوج ولو زوج بنته ومات فادعت أن أباها كان مجنونا يوم العقد نظر هل كان التزويج برضاها أم

فرع ادعى نكاح امرأة وأقام بينة به ثم ادعت أنها زوجة غيره بينة به قال ابن الحداد يعمل ببينة الرجل لأن حقه في النكاح أقوى منها فإن المتصرف إن شاء أمسكها وإن شاء طلق فقدمت بينته كصاحب اليد مع غيره هذا قول ابن الحداد وبه قال الجمهور وقال الشيخ أبو علي يحتمل أن ينظر في جواب من ادعت أنها زوجته فإن أنكر فلا نكاح له فيعمل ببينة الرجل وإن سكت فهما بينتان تعارضتا ولم يتعرضوا في تصوير المسألة لدعواها المهر أو حقا من حقوق النكاح وقد سبق في سماع دعوى الزوجية المجردة خلاف فإن سمعت وأنكر الزوج ففي إقامة البينة أيضاً خلاف فإذا ادعت الزوجية المجردة فإنما تقيم هي البينة تفريعا على سماع هذه الدعوى والبينة مع إنكاره‏.‏

فرع في فتاوى البغوي أنه إذا كان تحته مسلمة وذمية لم فقال للمسلمة ارتددت وقال للذمية أسلمت فأنكرتا ارتفع نكاحهما لزعمه وذكر الإمام الرافعي هنا مسائل منثورة من فتاوى القفال والقاضي حسين والبغوي تتعلق بأبواب النكاح قدمتها أنا فوضعتها في مواضعها اللائقة بها وبالله التوفيق‏.‏

هو اسم المال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح أو الوطء وله أسماء الصداق والصدقة والمهر والأجر والعقر والعليقة ويقال أصدقها ومهرها ويقال في لغة قليلة أمهرها قال الأصحاب ليس المهر ركنا في النكاح بخلاف المبيع والثمن في البيع لأن المقصود الأعظم منه الإستمتاع وتوابعه وهو قائم بالزوجين فهما الركن فيجوز إخلاء النكاح عن تسمية المهر لكن المستحب تسميته لأنه أقطع للنزاع ثم ليس للصداق حد مقدر بل كل ما جاز أن يكون ثمنا أو مثمنا أو أجرة جاز جعله صداقاً فإن انتهى في القلة إلى حد لا يتمول فسدت التسمية ويستحب أن لا ينقص عن عشرة دراهم للخروج من خلاف أبي حنيفة رضي الله عنه وأن لا يغالي في الصداق والمستحب أن لا يزاد على صداق أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خمسمائة درهم‏.‏